الأم العظيمة
كان عبد المطلب قد نذر لله نذراً إذا رزقه الله عشرة من البنين فإنه سيضحي بأحدهم.
ورزقه الله..
وجاء يوم الوفاء بالنذر، فأقرع بينهم، فخرجت القرعة على ابنه عبد الله أصغر وأحب أبنائه إليه.
وحزنت قريش لهذا.. فعبد الله فتى ليس له في مكة من يعدله أدباً وخُلقاً.
وقالت الكاهنة انه يستطيع أن يفتدي ابنه بالإبل ..
يمكنه ان يقرع بين ابنه وعشرة من الإبل، وفي كل مرة كانت القرعة تخرج على عبد الله،وكان عبد المطلب يزيد الإبل عشراً عشراً حتى تكاملت مئة من الإبل.
وكان في بيت "وهب " زعيم قبيلة "بني زهرة" قلب يخفق من أجل عبد الله.. إنه قلب "آمنة".
وجاء البشير إلى بني زهرة إلى بيت وهب، لقد خرج السهم على الإبل..
مئة من الإبل فداءً لعبد الله بن عبد المطلب.
وشاء القدر أن يبدّل ذلك الحزن إلى فرحة كبرى..
بل فرحتين، لقد رأى عبد المطلب أن يخطب لابنه الذبيح آمنة بنت وهب.
ولقد كانت نسوة في مكة يترقبن مرور عبد الله ، فتبهرهن هالة من النور تحيط بوجهه..أن لهذا الفتى شأن وأي شأن.
وتمت مراسم الزواج.
وعندما استيقظت آمنة وهي ما تزال في ثياب العرس دُهشت لهالة النور ، إنها تحيط بوجهها.. كما تحيط الهالة القمر ، وشيء ما يموج في اعماقها، إنها ستكون أماً لأعظم انسان..
وهكذا عاشت آمنة شهوراً وهالة النور تحيط وجهها المضيء.. النور الذي كان يتألق على وجه إبراهيم الخليل"عليه السلام"، ذلك الفتى الذي حطم الأصنام.. النور الذي راح ينتقل عبر الأجيال الطاهرة حتى حلّ في بني قصيّ وإلى عبد المطلب وإلى عبد الله فآمنة.. ثمّ ليتألق في دنيا الوجود عندما ولد محمد" صلى الله عليه وسلم".